(1)
كل إنسان يصادف دائمًا ما لم يتوقعه من الأقدار، هذه المرة -مع هذه الجائحة-أصبح القدر غير المتوقع عامًا، ليس على من تعرفه فقط، بل على معظم سكان هذا الكوكب المثقوب. كل الخطط الشخصية والمحلية والمؤسسية والإقليمية والدولية تخضع للتغيير القسري، لأن الإنسان كائن هش، ويخاف من الموت، مع أنه سيموت يومًا ما، رغمًا عن أنفه. وكل ما يتخيله غريبًا خياليًا سيعتاده، بل وسيتحول إلى روتين ممل.
(2)
مدهش تأمل كيف أن بعض تعاسات الإنسان وأفراحه رهينة لقرارات صغيرة وتافهة، سواء صدرت من الذات، أو من الآخرين. تافهة، جرّة قلم كما يقولون، أو “جرّة” لسان.
(3)
كتب مونتيني (ت1592م): “نحن نكره في الآخرين العيوب التي تلفتنا في أنفسنا أكثر من غيرها“، سأتفق مع هذا. نفورك الشديد من التظاهر والتعالي والاستعراض، أو السذاجة والتافهة، أو النفاق والتسلّق، قد يكون تعبيرًا غامضًا عن معاناتك في كبت هذه الخصال الرديئة في باطنك، لأن تعبيرك المستمر عن استبشاعك لأمر ما قد يكون خطة من خطط الذات للمقاومة، أو استراتيجة مضمرة للانتصار. هل هذا أمر معيب؟ لا؛ لأن كل نفور من الصفات الدميمة هو خير في نفسه، وكبت الرذائل فضيلة.
(4)
لا أذكر أني ندمت على الصمت يومًا ما، ولا أحصي كم ندمت على التكلّم.
(5)
التصورات الحالمة عن العزلة التي يجترّها الجبناء عن مواجهة بشاعات الحياة الاجتماعية لا تصمد غالبًا في ظروف قسرية، كهذه التي نعيشها. يبدو أن تمجيد العزلة مجرد تعبير مجازي عن الرغبة الشديدة بحماية الذات والتحكم بالوقت والحدّ من تكاليف الوجود. الفرنسي هنري برغسون يرى أن أخصّ ميزتين للكائن البشري: العقل، والميل إلى الاجتماع.
(6)
كتب الروائي الياباني كوبو آبي (ت1993م) في روايته “وجه الآخر”:«تكمن معاناة السجين في أنه يستحيل عليه، في أي لحظة، الهروب من نفسه»، أظن أنك أصبحت تدرك ذلك مؤخرًا؟
لا بدّ أنّ للنقطة رقم ٤ سرًّا خاصًّا في منتصف هذا الحديث العميق..
إعجابإعجاب
ارتكاب الكلام في مقام السكوت خطيئة إنسانية أصيلة.. ليس في الأمر أسرار 🙂
إعجابإعجاب