الرجل الذي حسب زوجته قبعة – أليفر ساكس

العنوان: الرجل الذي حسب زوجته قبعة
المؤلف: أليفر ساكس
دار النشر: الدار العربية للعلوم
سنة الطبع: 1430هـ

في رسالة بعثها عالم النفس والأعصاب أ. لوريا ت1977 إلى أوليفر ساكس، يقول فيها:(… إن أي فهم لمتلازمة كتلك [كان يقصد متلازمة توريت] يجب أن يوسّع كثيراً فهمنا للطبيعة البشرية بشكل عام). هذه الفكرة هي ما كنت أود قوله قبل أن أقرأها، عند تفكيري في كتابة مراجعة قصيرة لهذا الكتاب.

أوليفر ساكس عالم وطبيب أعصاب بريطاني معروف، وكاتب قدير، رأيت كتابه هذا قبل سنتين أو أكثر فأعرضت عنه، لعنوانه المبالغ فيه، والذي عادة يميز الكتب السخيفة، ذات الطابع الاستهلاكي. وقد قدم أ.ساكس عرضاً في TED عام 2009م عن الهلاوس البصرية، وأعجبتني ملاحظة قدمها حول الهلاوس البصرية التي تصيب 10% من المسنين في ظروف معينة، يقول أن أكثرهم لا يفصح عنها لمن حوله خوفاً من الاتهام بالهلوسة أو الجنون أو الخرف. المهم عدت بعدها أبحث عن كتبه، وبدأت بكتابه هذا وهو الأشهر.

في هذا الكتاب يقص د. ساكس بأسلوب جميل حكايات مرضى أصيبوا بأمراض غريبة نتيجة لاختلالات عصبية معينة، مثل فقدان الشعور بالجسد فالمريض يشعر بأن جسده لا ينتمي له شعورياً، كأنه قطعة ملقاة على الطريق، والعمه البصري، واضطراب إدراك الأشياء، وفقدان النظر والشعور بالنصف الأيسر (وهنا تحدث عن قصة امرأة لا ترى نصفها الأيسر فتخرج للناس بوجه نصفه عليه مكياج كامل والآخر خال تماماً من ذلك!)، وأيضاً مشكلة فقدان المعرفة بنبرة الشعور يعني عدم القدرة على التفريق بين نبرة الحزن أو الغضب أو السؤال، ومرض توقف الذاكرة، ومتلازمة توريت -التي لم أفهمها لأن الترجمة رديئة-، إلى آخر تلك الأمراض الغريبة.

ميزة الكتاب سلاسة الأفكار، ومتعة العرض، والأهم أنه يوصلك لمناطق جديدة تفهم بها بعض أعماق الشبكة العصبية التي بداخلك، وهي قطاع عضوي كبير وجوهري ولا إرادي. تدرك طبيعة انتقال الإدراكات الزمكانية والشعورية والوجدانية عبر الأعصاب، وتأثير ذلك على الوعي والسلوك، وهذا من شأنه أن يساعد على فهم أعمق للنفس البشرية عموما كما يقول لوريا. ذكر ساكس ملاحظات مذهلة عن مرضى مروا به، يصعب عليك تخيل حالتهم بدقة، مع كون المؤلف حاول التوضيح قدر الامكان.