إرتباكات الهوية


تسعى الباحثة القطرية نورة فرج في كتابها “ارتباكات الهوية”2007  لدراسة إشكالية التمثيل والتلقي في عدة روايات تحمل سمات متقاربة:

رواية ليون الأفريقي لأمين معلوف1986، وليلة القدر للطاهر بنجلون1987، والحزام لأحمد أبودهمان2000.

والكتّاب الثلاثة فرانكفونيين، وأبودهمان تحديداً يوصف بأنه الفرانكفوني السعودي الأول. وكل الروايات الثلاث كتبت بالفرنسية، وكلها لاقت رواجاً، فرواية معلوف فازت بجائزة الصداقة الفرنسية-العربية، ورواية بنجلون فازت أيضاً بجائزة غونكور، وطبعت رواية الحزام خمس طبعات خلال أربعة أشهر. وكلها أيضاً تتناول الشرق وعوالم العرب بصورة أو بأخرى.

ومن الطبيعي أن يثير هذا الرواج الأسئلة، ويقف على رأس هذه الأسئلة مدى تماهي الروايات مع المتخيّل الاستشراقي الذي يسكن في عقل المتلقي الغربي. وبتحليل الروايات عبر المنظور الاستشراقي الكلاسيكي الذي يسم الشرق بالطابع الغرائبي عبر تنويعات ثلاث (الشهوانية، الغيبية،الدموية) كانت النتيجة:

1-    رواية “ليون الافريقي” اعتمدت على مادة تاريخية وأثثتها بصور استشراقية كثيرة كعوالم الحريم، والتوحش، والحمامات والختان.

2-    “ليلة القدر” مزجت المقدس بالمدنس واستلهمت من “ألف ليلة وليلة” و”الروض العاطر”، ومزجت بين ثيمتي “الحريم” والتوحش الاستشراقيتين. وارتكزت على فكرة إثبات الهوية الأنثوية وسط مجتمع ذكوري، وهذا تموضع ثقافي متوقع تماماً بالنسبة للمتلقي الأجنبي.

3-    “الحزام” تشير -على قصرها- للوضع الدوني للمراة كوضع طبيعي، وتحتفي بحكايات الجن واحتفالات الختان. وتضع الرواية صورة قرية سعودية رومانسية متخلفة ومتمسكة بقيمها تصطدم بالمدنية في مواجهة مضحكة.

وهكذا تبدو الروايات الثلاث قد نجحت في استعادة المتخيل الاستشراقي وبناء صورة غرائبية عن الشرق لإبهار المتلقي الغربي، كما أنشأت هوية ملتبسة لا تنفصل عن الآخر بل تتموضع بداخله وتنسجم مع خيالاته القديمة.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s