اضمحلال الحضارة الغربية

العنوان: فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي. 

المؤلف: آرثر هيرمان.

الناشر: المركز القومي للترجمة.
يعبّر أستاذ التاريخ آرثر هيرمان في مقدمة كتابه هذا عن انزعاجه من “التشاؤم الثقافي” الشائع، والذي يظهر في صيغته القصوى كترقب أو توقع الاضمحلال الوشيك للحضارة الغربية، ولم أستسغ هذا التحيز المكشوف والمبكر، والذي أثرّ بوضوح على طريقة تناول المؤلف وأحكامه على الشخصيات والأطروحات.يستعرض هيرمان الأطروحات “المتشائمة” والناقدة بعنف لتاريخ الغرب المعاصر، وبأسلوب سلس ورشيق يشير لتجليات وجذور نظريات الانحلال عبر التاريخ الغربي، وهي جذور ليست قريبة، ثم بدأ برصدها التفصيلي في القرون الثلاثة الأخيرة، مع جاكوب بوركهارت، ونيتشه الذي استقى منه كثيرون أسس النقد الجذري لمظاهر التحلل البرجوازي، وظواهر الضعف والرخاوة الثقافية والفكرية. ثم ينتقل لعرض أطروحة بروكس آدمز، وبي دوبوا، وخصص فصلاً مستقلاً لأطروحة الفيلسوف الألماني أوزوالد شبنغلر التي وضعها في كتابه الشهير “أفول الغرب” أوائل القرن المنصرم، وفصلاً آخر لأطروحة المؤرخ المعروف آرنولد توينبي.

وتحت عنوان “انتصار التشاؤمية الثقافية” يعقد المؤلف عدة فصول، أولها عقده لدراسة “التشاؤم الثقافي” عند رواد مدرسة فرانكفورت، تيدور أدرنو، وإيريك فروم، وماكس هوركهايمر، وفراز نيومان، وهيربرت ماركوز، وأساساتهم النظرية في تفكيك جذور السلطوية والكليانية والعنف المجرد في الحضارة الغربية الحديثة.

وفي فصل تال يتحدث عن من يسميهم “أنبياء فرنسا المحدثون” سارتر، وفانون، وفوكو، وعرض فيه لأطروحاتهم النقدية حول فكرة الاضمحلال الحضاري.

وأخيراً تحدث عن التشاؤمية البيئية، وحركات الدفاع عن الطبيعة، ونقدها الشرس لقوى الرأسمالية والأنظمة المساهمة في تدمير الكوكب، عبر الإسراف في التصنيع، والعبث الجيني والتصنيعي بالأغذية والنباتات…الخ.

طوال الكتاب يجاول المؤلف المزج بين عرض الأفكار والتأريخ لها، مع إبراز الجوانب والتاريخ الشخصي لأصحاب الأطروحات وعلاقتهم ببعض–والإسراف أحياناً في ذلك- ، وإشكاليات التأثر والتأثير، وسوى ذلك، وهو لم يتوانى في النقد اللاذع لأكثر الأطروحات، ومحاولة تشوييها إما بجعلها شاذة ومتطرفة، أو مجتزأة، أو صادرة بتأثير قوي من مآس شخصية، أو كتعبير عن إحباطات معينة تتصل بحياة صاحبها. ومع ذلك كله فالكتاب مهم، ويناقش موضوعاً غاية في الأهمية، كما أنه بمعنىً ما يجمع أشهر أشكال النقد الموجه للحالة الحضارية الغربية، فهو دراسة مفيدة في حقل تاريخ الأفكار.

يقع الكتاب في أكثر من 500 صفحة، وصدر بلغته الأم عام 1997، وصدرت الطبعة الثانية للترجمة عام 2009م.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s