المرايا المحدبة .. من البنيوية إلى التفكيك – عبدالعزيز حمودة

العنوان: المرايا المحدبة – من البنيوية إلى التفكيك
المؤلف: عبدالعزيز حمودة
دار النشر: عالم المعرفة
سنة الطبع: 1997م

صدر كتاب “المرايا المحدبة”1997، ثم صدر بعد الجزء الثاني المكمل للأول بعنوام “المرايا المقعّرة”2001، ثم الجزء الثالث بعنوان”الخروج من التيه”2003. وقد نالت هذه الثلاثية النقدية للدكتور عبدالعزيز حمودة شهرة كبيرة في الأوساط الأدبية والفكرية، وأهمها الجزء الأول (المرايا المحدبة).

لقد ساعد تصاعد تأثير وانتشار النظريات والأفكار التأويلية والنقدية للنصوص من بعد أواسط القرن المنصرم في وفود تلك النظريات الأجنبية إلى الدراسات النقدية العربية، وبدأت أعمال الترجمة والنقل والتوفيد لتلك النظريات بالانتشار، وتأثر بها من تأثر من العرب، ومنهم د.حمودة نفسه. لاحقاً تبني موقفا نقدياً معارضا لها، دوّنه في هذه الثلاثية.

يحمل العنوان اللافت “المرايا المحدّبة” تكثيفاً معنوياً لأطروحة الكتاب، فالمرايا المحدبة تضخّم ما ينعكس على سطحها، وكذلك فعل نقلة النظريات الغربية في مجالات النقد الأدبي، فقد قدموا تلك النظريات باعتبارها فتوحا إنسانية. ولأن هذه النظريات روّجت بلغة معقدة، ومبهرجة، وشديدة الغموض والغرابة، افتتن بها طوائف، إلا أن هذه السمات بالذات جعلت المؤلف يراجع موقفه منها، ويحاول تحليل وتمزيق الطابع المعقد والغامض الذي يعلو تلك النظريات، ليعريها.

انطلق في “المرايا المحدبة” في سرد طويل وهام عن الظروف الثقافية والفكرية والفلسفية لتشكل هذه النظريات الحديثة، واتساقها مع المزاج الغربي، وهذه أهم رؤية يمكن أن تخرج بها من الكتاب. ثم حاول تبسيط هذه النظريات المعقدة قدر ما يمكن، ثم خصص أواخر الكتاب لنقدها بصورة خاصة.

أما “المرايا المقعّرة” فهي المرايا التي تصغّر حجم ما ينعكس عليها، وكذلك فعل الكثير من النقاد والأدباء العرب في تعاملهم مع التراث النقدي العربي، فخصص حمودة هذا الكتاب لإبراز ثراء التراث النقدي العربي (الجاحظ، الجرجاني، الآمدي، حازم القرطاجني…)، مع وضع أفكار هؤلاء في مقابلة نتائج النظريات الحديثة. وبرغم أهمية هذا العمل، إلا أن ضعف خبرة المؤلف في التراث العربي (في مقابل اطلاعه المبهر على الأطروحات الغربية)، وحرصه المبالغ فيه على مقارنة أطروحات العرب القدماء بالنظريات الحديثة -مع أنه انتقد هذه الطريقة التي تبحث مشروعية للحداثة عبر جسور قديمة- كل هذا أضعف من جودة الأطروحة في”المرايا المقعرة”، مع أهميتها ورصانتها بالجملة.

أما في “الخروج من التيه” فأعاد وكرر، ماذكره سابقاً بلا فائدة إضافية تذكر. وقد أعجبني أسلوب المؤلف، وهو أسلوب أدبي ماتع، يشرح الأفكار بسلاسة وسرد لذيذ.

يعيب الثلاثية التداخل والتكرار، وأحياناً ضعف تنظيم الأفكار داخل المباحث، وارتباك التسلسل. وعلى أية حال تظل الثلاثية عملاً بارعا، ولا يستغني عنها المهتم بالنقد الثقافي والأدبي.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s