في الطريق إلى مجتمع “الصفوة”

لاحظ باحثون في دراسة منشورة عام 2010 بعنوان «التعبير عن مكانة البضائع الفاخرة: دور أهمية العلامة التجارية» أن حقائب اليد التي تحمل علامة بارزة وواضحة جداً من علامات أمثال Gucci أو Vuitton تكون أقل سعراً، في حين أن الموديلات من نفس الماركة والتي تكون العلامة التجارية عليها صغيرة أو غير واضحة أو حتى غائبة تكون الأعلى سعراً، وهنا نتساءل لماذا؟ وكيف نفهم ذلك ! 
اكتشف الباحثون أن لكل موديل نوع معين من العملاء/المشترين، وقد اقترح البحث تصنيفهم إلى : 

 – صفوة المشترين: والذين يملكون الثروة التي تمكنهم من بذل 12 ألف يورو مثلاً في حقيبة يد، وعادةً يكون دافع هؤلاء هو الاعتراف بهم وقبولهم في مجتمع الصفوة/الأثرياء، فهدفهم الاقتراب من الذين يشبهونهم، وهم بالطبع قادرين على التعرف على العلامة التجارية من خلال موديلها ونمطها من غير الحاجة لظهور العلامة التجارية . 

 – الوصوليون: وهم من يملك القدرة المالية لكنهم حديثو العهد بالثراء مقارنة بـ”الصفوة”، ولذلك فهم يفضّلون العلامة التجارية الواضحة، وهدفهم أن يُظهروا للأقل منهم مادياً أنهم قادرون على شراء هذه الماركات الشهيرة، فهم يهتمون بالتأكيد على تميزهم عن الطبقة الأقل ثراء، والتي كانوا ينتمون إليها حتى وقت قريب . 

 – المتصنعون: وهم الذين يرغبون بالانتماء للطبقات الميسورة، لكن إمكاناتهم المادية لا تتيح لهم ذلك، فيهمّهم في المقام الأول إبراز العلامة التجارية كالوصوليين، إلا أنهم لا يستطيعون سوى شراء الماركات المقلّدة لا الأصلية، فهم يتظاهرون بالانتساب لطبقة أخرى أمام أقرانهم لأغراض تفاخرية واستعراضية . 
هل يمكن تجريد أنماط سلوكية بالاستناد لهذا التحليل في سبر آليات الصعود الاجتماعي؟ ربما. 
في مسيرة الرغبة بالصعود الاجتماعي ونيل الاعتراف داخل فئة محددة، مثلاً فئة العلماء أو الأطباء أو المهندسين أو الروائيين أو غيرهم، تجد الصفوة لا تهتم إلا بكسب اعتراف المجموعة التي تطمح إلى الانتساب إليها، وذلك بالاهتمام بخفايا السمات والإمكانات التي تتمتع به تلك الفئة المراد نيل اعترافها، من غير الحاجة للتظاهر والتزييف. أما الوصوليون (ويمكن أن نسميهم بالأنصاف: أنصاف العلماء، أنصاف الأطباء..الخ) فهم يهتمون بالمظاهر والطقوس والتقاليد داخل “الجماعة العلمية” أو الفنية أو غيرها، مع تحصيل بعض التأهيل الأولي المشابه لتأهيل الصفوة، والحرص على تضخيمه وتزويقه، لإثبات تفوقهم على من دونهم، من غير الاهتمام بكسب اعتراف “الصفوة”. أما المتصنعون فهم نسخة من الوصوليين إلا أنهم نسخة ركيكة ومقلدة، لا تتوافر على الحد الأدنى من التأهيل المناسب للطبقة التي تتظاهر بالانتساب لها، وتكتفي بالتمسك بالمظاهر الفارغة، للفت انتباه العامة بأي ثمن.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s