من لا تاريخ لهم

العنوان: أوروبا ومن لا تاريخ لهم.

المؤلف: إريك وولف.

الناشر: المنظمة العربية للترجمة 2004.

“على الأنثربولوجيا أن تكتشف التاريخ القادر على بيان أسباب نشوء النظام الاجتماعي للعالم الحديث”

بهذه الخلفية النظرية يفتتح أستاذ الأنثربولوجيا الأمريكي إريك وولف ت1999 كتابه المهم “أوروبا ومن لا تاريخ لهم”. وينطلق في كتابه للبرهنة المستفيضة على “مدى استحالة امتلاك أي فهم سليم لعموم المجتمعات والثقافات الإنسانية من دون إتقان فن تصورها في شبكة علاقتها وأشكال تبعياتها المتبادلة على صعيدي الزمان والمكان” كما يقول. يسعى الكتاب لتحليل جذور الآليات العامة لتطور التجارة الرأسمالية عبر العالم منذ عام 1400م، وتأثيراتها على الكتل السكانية المدروسة من قبل أساتذة تاريخ وعلوم الأنثربولوجيا، وذلك من منظور ماركسي، كما يقرّ بجرأة وحماس.

وقد قام وولف بتجاوز الأبحاث السائد في مجاله والتي تهتم ببحث مناطق أو أثنيات محددة بوصفها نماذج قائمة بذاتها، ووضع بدلاً عن ذلك طيفاً واسعاً من المعارف الانثربولوجية ضمن تاريخ شامل للتوسع الرأسمالي الغربي، وردة الفعل المحلية عليه. ونحت مصطلح “نمط الإنتاج التابع” واضعاً بذلك نهاية للمناظرات العقيمة حول مدى كون مفهوم “الإقطاعية” قابلاً للتطبيق على مناطق مثل شرق آسيا وأفريقيا، كما يشير كريس هان وكيث هارت في كتابهما “الأنثربولوجيا الاقتصادية”.

يقع الكتاب في ثلاثة أجزاء، و 12 فصلاً، وقد عالج باهتمام تأثيرات الرأسمالية الاستعمارية على الهند وأفريقيا، وأشكال التبادل والتداخل السياسي والثقافي والتاريخي. وأفرد فصلاً كاملاً عن تجارة العبيد، وأورد فيه تساؤلاً عن سبب تفضيل العبيد الأفارقة على نظرائهم الأمريكيين الأصليين بالنسبة لأوروبا والغرب عموماً؟ وأجاب أن العامل الأساسي في ذلك هو كون الهنود (الأمريكان الأصليون) على مقربة من جماعاتهم الاصلية مما كان يشجعهم على التمرد، بخلاف الأفارقة الذين حرموا من هذه الخصيصة، فبيعهم كان يشكل فراقاً تاماً بينهم وبين أهاليهم، كما يعمد المشترون إلى خلط الأفارقة بغيرهم، للحيلولة دون حصول أية تضامن، مع ترسيخ الفصل العنصري عن البيض، بحيث يكون هروبهم سهل الافتضاح لإمكانية التعرف عليهم بمجرد لون البشرة من قبل أي حارس متلهف للمكافأة.

في آخر الكتاب فصل رائع بعنوان “ملاحظات عن المصادر”، وفيه تحدث المؤلف عن أبرز الأبحاث والمراجع التي اعتمد عليها في فصول الكتاب، وأشار لملاحظته المتنوعة حيال مصادره، وكيف تأثر ببعضها، وطور أفكار بعضها الآخر، أو انتقدها وتجاوزها. فكرة الفصل الأخير مفيدة وممتازة، وهي فعلاً تشكل كما يقول المؤلف “سيرة ذاتية فكرية”.

صدر الكتاب عام 1982 وترجم في 2004، مع ترجمة مقدمة مهمة كتبها المؤلف لطبعة عام 1997.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s