العنوان: علي شريعتي- سيرة سياسية
المؤلف: علي رهمنا
الناشر: مؤسسة الانتشار العربي 2016
في هذا الكتاب الكبير يسرد علي رهمنا-الأستاذ في الجامعة الأمريكية بباريس-سيرة مفصلة عن الدكتور علي شريعتي المفكر والكاتب والمحاضر الإيراني الشهير المتوفى في بريطانيا عام 1977 بعد هروبه من سطوة جهاز الأمن الإيراني”الساڤاك”، أي قبل الثورة بسنتين، ولذلك يعده البعض”مفكر الثورة الإيرانية”.على عادة كتب الترجمات بدء المؤلف في وضع تصور عمومي عن المشهد الإيراني السياسي والاجتماعي قبل مولد شرعتي، لا سيما بالتركيز على سيرة والد شريعتي محمد تقي، وهو الآخر صاحب مساهمات ثقافية ونشاطات مؤثرة في مشهد بالذات. ثم واصل رصد شخصية علي شريعتي منذ ترعرعه ثم دراسته الأولية، وموهبته المبكرة واهتمامه بالشعر، ومطالعاته، ثم انتقاله للتدريس، تلاه إكماله للبكالوريس بعد أن حقق شهرة محدودة عبر مقالاته في بعض الصحف والمجالات، ثم تفوقه النسبي، وحصوله بصورة غريبة نوعاً ما على بعثة اختار أن تكون لباريس، وتجربته هناك، والتي أبغضها تارة، وامتدحها تارة أخرى كعادته في خضوعه لمزاج متقلب، ونزعات نفسية متضاربة، وقد تبدت شخصيته منذ أوائل شبابه متسمة بالقلق، وحب العزلة، وتأزم وجودي، وشغف بالمعرفة، مع توقد ذهني، تصاحبه نزعة مثالية (بالمعنى الفلسفي) وثورية أحياناً، وغضب دفين، واحتقار للنفاق والخضوع والجبن والزيف، يمزج ذلك بتسامي روحي/عرفاني وصل به لاحقاً إلى مراحل متطرفة، وغلب عليه ذلك التصوف الفلسفي الملوّن بصبغة وجودية (سارترية هذه المرة) مغرقة في الرومانتيكية.
ويمكن القول أن هذا النمط مألوف نسبياً للباحث في التراجم وسير الشخصيات المؤثرة، ستجد مزيجاً مقارباً لذلك في سيرة تولستوي، وأوغسطين، وإلى حد ما مارتن لوثر، وسيد قطب…الخ.
على المستوى الأكاديمي لم يحقق شريعتي في باريس شيئاً يذكر، وإن كانت مرحلة ثرية في حياته. عاد للتدريس في الجامعة، وحصد إعجاب كثير من الطلاب، ثم بدأ نجمه يصعد شيئاً فشيئاً بتفريغ محاضراته ونشرها، حتى اكتملت شهرته وتأثيره في محاضراته المعروفة في حسينية الإرشاد، وخاض خلالها صراعات وتسويات مختلف في تفسيرها مع أجهزة الأمن، حتى بدأت الأوضاع السياسية تتفجر، وأصبح يمثل خطراً ففضل الهرب إلى لندن، واتُهمت الساڤاك بقتله هناك.
تظل شخصية شريعتي مثاراً للتفسيرات المتضاربة، فهو خطيب مفوه وإن لم يتمتع بالرصانة العلمية ولا العمق الفلسفي، فهو كاتب شعبوي، ويجازف بهرطقات فاسدة، ويوظف التاريخ والوقائع لرؤيته ولو بتعسف، يرافق ذلك احتقاره الحاد للطبقة المشيخية الشيعية، مع حس انفعالي صادق، ورغبة أكيدة بالعدالة والتغيير والتقدم.
ترجم الكتاب حديثاً، وصدر في أكثر من 800 صفحة.