العنوان: الفن في الفكر الإسلامي – رؤية معرفية ومنهجية
المؤلف: مجموعة مؤلفين
دار النشر: المعهد العالمي للفكر الإسلامي
سنة الطبع: 2013م
برغم كون الكتاب جمع لأوراق عمل مؤتمر أقيم بنفس عنوان الكتاب، فقد وجدت فيه بعض الأبحاث المفيدة، والمهمة.
في أكثر من 700 صفحة، وعبر خمسة محاور متفرقة، يناقش الكتاب ما يسمى بـ”الفن الإسلامي” في مسارين: نظري وتطبيقي، وكان التطبيق يدور حول بعض الفنون الإسلامية العمرانية، وبعض أنواع الفنون في الرسم والزخرفات والتوريق، والأكثر أهمية بالنسبة لي التأسيسات النظرية.
نقدي للكتاب يتلخص في الإشارات التالية:
- مع كثرة الكلام في مفهوم “الفن الإسلامي” -وهو مفهوم جدلي- إلا أن القارئ لا يخرج بتصور واضح عنه، حتى عند من يعتقد بوجود شيء بهذا المسمى.
- وقع بعض الباحثين في اضطراب يدل على جهل وضعف تصور عند مناقشة التحفظات الشرعية على بعض ما يندرج تحت مسمى “الفنون” مثل التجسيد، والنحت، ورسم ذوات الأرواح، وحتى الموسيقى، والرقص (أحدهم أدرج الرقص الصوفي كفن إسلامي)، …الخ.
- نتيجة لولع البعض في إثبات فنون إسلامية للرد على من نفى ذلك من المستشرقين وقع بعض الباحثين في المبالغات الخطابية في دعوى فرادة الفن الإسلامي، وعظمته، …الخ، من غير برهنة على وجود الفن الاسلامي أولاً، ولا تحديد لخصائصه ثانياً، ولا وجه علاقته بالاسلام ثالثاً، ولا تفسير تشديد النصوص الشرعية على تحريم بعض أنواع الفنون كالتصوير والموسيقى…الخ رابعاً. وبعض الباحثين يشعر بحرج من نصوص تحريم التصوير وغيرها، ويعتقد أن قبول هذه الأحاديث المجمع عليها بالجملة يعني أن الاسلام يحارب الفن، وهو يود أن يتحاشى هذه النتيجة مهما كان الثمن، وهذا شعور وسلوك يعبر عن مدى الانسحاق الحضاري لدى هؤلاء الباحثين، وقد لاحظت مدى اهتمام بعضهم بالكتابة الدفاعية أو الهجومية تحت تأثير الأطروحات الاستشراقية التي تقر بوجود “فن إسلامي” أو ترفض ذلك، وهذا يفقد الباحث الاتزان والموضوعية والرصانة، إذا كان يكتب تحت وطأة ضغط ثقافي قاهر.
- وقع بعض الباحثين في تضخيم دور الفن في المجتمع، والمبالغة في الانتصار للفنون، وإدعاء أهميتها في النهضة، وأن انتشار العنف والقتل نتيجة تراجع الفنون، وهذا غير دقيق، فلا يوجد علاقة لا تاريخية ولا عقلية ولا واقعية تربط بين انتشار الفنون و تراجع العنف، هذا هوس مجرد وخواطر فارغة.
- ابتذال لصق فكرة “الأسلمة” على منتجات حداثية موغلة في الرأسمالية، كتبت باحثة عن مبادئ الفن الاسلامي للعلامة التجارية. وهذه المشكلة هي جوهر الإشكالية في الأطروحات عن الفن، وهي مشكلة ذات طابع أبستمولوجي/معرفي، كيف يمكن فك الانغراس الشديد لمفاهيم الفنون الحديثة داخل الجسم الحداثي المعلمن؟، وكيف نتجاوز فخ الأسلمة الشكلية؟.