معادلات الحياة

أن تتفاءل بلا دروشة وتتشائم بدون عجز. أن تعرف بوضوح ما تتقنه وما تتفوق فيه (مع الادراك الواقعي لحدود هذا الاتقان وتلك المعرفة!) من دون انجراف للاغترار أو المبالغة في تقدير الذات. أن تكون قادراً على اكتشاف الجماليات الأدبية وعلى التحليل والنقد ومع ذلك لا تخجل من نشر تجاربك الأولية في الكتابة. أن تعرف اتساع العلم وكثرة تفاصيله ودقائقه ومع ذلك لا تستسلم وتحاول البحث وتكوين آرائك الخاصة مع توقي أوهام الجهل واستسهال المعضلات. أن تكون محبوباً لطيفاً لدى أسرتك وأقاربك وتتمكن من إنشاء علاقات وصداقات ممتازة وتحافظ برغم ذلك على فترات كافية من العزلة للقراءة والتأمل على نحو لا يجعلك غريب الأطوار، ولا يحوّلك إلى دودة كتب متعجرفة ومغرورة. أن تسعى بجد للاكتفاء المالي وتكوين دخل متوسط دون أن تنزلق في ملاحقة لاهثة لمراكمة ثروة لا تعرف متى وأين ستهطل عليك. أن تعبّر بتلقائية وحفاوة عن إعجابك بكاتب أو شيخ أو كتاب أو فكرة مع مقاومة الذوبان في الكتاب أو الكاتب، مع أنك تعرف أن الحبّ، حب الكتاب والفكرة والكاتب، أياً ما يكن، يجعلك تفهمه أكثر ويعمّق من تأثيره عليك. أن تبذل عاطفتك تجاه أحد ما بودٍ سيّال، دون أن تتيح له ابتزاز شعورك نحوه، واستغلال اهتمامك به، لمصالحه ونزواته. أن تكون سخياً تجاه رغبات جسدك دون أن يتسبب ذلك في تشييد طبقات سميكة من الشحم على جسدك، أو تراكمات ثخينة من السواد على روحك -وهذا الأسوء كما تعرف-. أن تحب الحياة وتفرح بالوجود في نفس الوقت الذي لا تتجاهل فيه الموت، ولا التكاليف المنجية في الحياة القادمة.

كيف تحقق موازنة رصينة بين كل هذه المعادلات المعقّدة، وتنجح؟!