في لحظة فراغ ما (والفراغ أصل الشرور في هذا العالم) وبسبب الشعور بالتصحّر الروحي، والجفاف النفسي. شعور المنفى، واجتياح الكآبة أو التفاهة المضنية، يبحث البعض عن انفعال وانثيال وجداني كثيف، لكسر الجمود، والتشابه، يبحثون عن ما يمكن تسميته “استفزاز المشاعر“.
يبحثون عن ذلك في موسيقى هادئة أو صاخبة، أنشودة حزينة أو فرائحية بهيجة، أو فيلم رومانسي نابض، أو درامي مربك، في رواية مثيرة، تحرك الكوامن، وتثير الانفعالات الخفية، الحب، الشوق، الحزن. وأحياناً يتوقعون وجوده في الاستسلام للإغواء، والعشق، وفي التنقيب عن تجربة عاطفية مدوّية. كل ذلك بحثاً عن لذة دفّاقة، ودهشة غامضة، ومرتقبة.
هذه الرغبة بالانفعال العميق، تثير في نفسي الشفقة. كم هو ضعيف هذا الإنسان، كم يثقله هذه الوجود الزمني المرهق!
أتخيّل أن إدمان هذا “الاستفزاز” الدوري للمشاعر، يستهلك الطاقة الروحية، ويبعث على الملل، وهو لون من ألوان المراهقة الروحية، أو يكاد.
وهذا الاستجداء المستمر للانفعالات العميقة من المؤثرات الخارجية ينضب، ويجف بكثرة الاستعمال. وتدريجياً تفقد تلك المؤثرات وهجها، فالموسيقى تُضجر، والأفلام تتشابه، والروايات تصبح سامجة مع مرور الوقت…الخ.
ويبقى في القلب تلك الوحشة، التي لا يزيلها إلا الاتصال بالله تعالى، فالانفعال الوجداني بالإيمان، والصلاة، والدعاء، لا ينضب، ولا يتوقف. بل كلما ازداد النهل منه فاض على الآخذ، وطمّ روحه بألوان المعاني السماوية.