تقرير إلى غريكو – نيكوس كزانتازاكي

العنوان: تقرير إلى غريكو
المؤلف: نيكوس كزانتازاكي
دار النشر: دار ممدوح عدوان
سنة الطبع: 2007م

لقائي الأول مع الأديب اليوناني نيكوس كازنتزاكي كان مع رسائله التي جمعتها زوجته بعنوان “المنشق”، ثم قرأت بعضا من كتابه الشهير عن”زوربا”ولم أكمله، ممل، ومكتظ بالثرثرة.

ثم قرأت سيرته الذاتية هذه، سيرة جميلة، لا أدري لم تذكرت حين قرأتها الكتاب الشعري الفذ”بلدي”لحمزاتوف.

في سيرته يحكي كازنتزاكي سيرته مع الله، والخلود، والموت. هذه المفردات ستقابلك في كل صفحة من صفحات الكتاب الـ500، ومن المؤسف أنه يتحدث أحياناً بأسلوب غير مهذب مع الألفاظ المقدسة.

يسرد حياته الأولى في اليونان، حيث استيقظ على مدافع الدولة التركية/العثمانية. لما ترعرع، كاد أن ينخرط في سلك الكنيسة، لكنه فشل، يقول”وبما أنني لم أستطع أن أكون قديساً، أو بطلاً، فلقد حاولت عن طريق الكتابة، أن أجد بعض العزاء عن عجزي”.

ثم انطلق كازنتزاكي بعد أن شبّ عن الطوق، وجاب البلاد، فرنسا، وألمانيا، والقدس، وروسيا، والقوقاز، وسجل سيرته الروحية في كل ذلك، كان يقاوم ويصارع الوجود، ويحاول أن يسرق الحقائق من أفواه الحكماء، والفلاحين، كان طوال حياته يبحث عن جوهر روحي، عن طمأنينة، وانسجام، عن موسيقى غامضة تأخذه لسماوات لا يعرفها، عن حقائق الوجود، والمصير. عندما يستيقظ كل صباح يدخل إلى العالم عبر نوافذه الخمس، يدخل كما لو كان ذلك يحصل بصورة نادرة، ليرى الشمس، والأرض، والسماء، من جديد، يود اختطاف شعور سجين ولد خلف القضبان حين يقابل العالم لأول مرة. لايسمح للإلف والعادة أن تمنعه من الشعور بسعادة سيّالة، كنهر نقي، يعبره، كلما عرف أنه حيّ، يعيش في دنيا الله الجميل، الذي خلق الجمال، وأودعه الأشياء، لكن طبقة من الشحم والعادة تحيط بالروح، كمايقول كازنتزاكي، فتحول دون الوصول. موقفه من الدين لايخلو من غموض، يبجله تارة، ويشتمه تارات. لديه نزوع جارف لتصوف وجودي بصبغة مسيحية. برغم كل شيء، يبقى الرجل أديباً بارعاً، وسرده ممتع. استوقفني قوله:”أكثر من الخمرة والحب، أكثر خداعا من الأفكار، هي قدرة الفن على إغراء الإنسان، وجعله ينسى!”.