العنوان: التاريخ الجديد
المؤلف: مجموعة مؤلفين
دار النشر: المنظمة العربية للترجمة
سنة الطبع: 2007م
بفعل ظروف متنوعة نشأت مدرسة جديدة تسعى لتقديم أطروحة تجديدية لمجال البحث التاريخي، هي مدرسة فرنسية اشتهرت باسم “الحوليات”، نشأت في أوائل الثلاثينيات من القرن الميلادي المنصرم. ورموزها ل.فاڤر وفرناند بروديل، ومارك بلوخ. ترتكز أطروحة المدرسة على رد الاعتبار للتاريخ الاجتماعي والاقتصادي، والتنديد بالإفراط التاريخي في تدوين التواريخ السياسية للأحداث، ولحركة التاريخ. كما انتقدت فكرة الحدث التاريخي، التبسيطية، ودعت لفكرة التاريخ الكلي، والأمد الطويل، فالأنظمة الاقتصادية والاجتماعية لا يمكن اكتشافها وتتبع تأثيرها إلا عبر سبرها في أبعاد زمنية طويلة. “التاريخ الجديد” يعمل وسط دوائر العلوم الاجتماعية المتقاربة، اللغة والأنثروبولوجيا، والتحليل النفسي، وعلم الاجتماع، وغيرها.
أبرز انجازات هذه المدرسة هو تأسيس مسارات بحثية تاريخية فريدة، مثل مسار (تاريخ الذهنيات)، فكتب ضمن تقاليد هذا المسار الإيطالي تنينتي بحثاً بعنوان”الحياة والموت من خلال الفن في ق15″، وكتب ف.ارياس عن “تغير السلوك أمام الموت”. ومن البحوث التي كتبت بتأثير هذه المدرسة تواريخ الموت، الموقف من الموت في القرون الوسطى، كما بحثه م.فوفيل ودرس لأجله 20 ألف وصية في منطقة فرنسية في القرن الثامن عشر. كما بحث ج. لوفيفر في تاريخ الخوف، عبر دراسة للخوف إبان الثورة الفرنسية، وصدرت دراسته بعنوان(الخوف الكبير عام 1789)، وتساءل فيها عن مدى أهمية “إعادة قراءة التاريخ انطلاقاً من الحاجة إلى الأمان”؟. وكتب باحثون في تاريخ التغذية، وتاريخ الجسد (سوتير كتب بحثاً عن ذلك انطلاقاً من ملفات المجندين التي تحوي مقاييس للبنية الجسمانية، ودرس علاقة التغيرات العضوية للسكان بالنظام الغذائي وأنظمة العيش وانعكاسات ذلك اجتماعيا…الخ)، وتاريخ الأمراض والمجاعات (كتب المغربي حسين بوجرة بحثاً صدر في ٢٠١١م عن الطواعين في المغرب بين ١٣٥٠-١٨٠٠م وانعكاساتها على النظام الاجتماعي والسياسي والديني)، وتاريخ الحركة العضوية واجتماعية الجسد(درس ج.لوغوف مثلاً آليات الانحناء والسلوكات الجسدية وتقنياتها وعلاقتها بالسياق الاجتماعي وغيره)، وتاريخ السلوك الجنسي من خلال وثائق الإجهاض، وتسجيل الولادات غير الشرعية، وفتاوى الكنيسة عن تحريم منع الحمل، وتاريخ الألبسة، وتاريخ الأحلام (كتب دودس عن العناصر الثقافية للحلم في العصور القديمة)…الخ.
حسناً، لم أقصد التعريف بهذه المدرسة، لكن أحببت فقط لفت النظر لبقعة معرفية كبيرة ومذهلة في العلوم الإنسانية المعاصرة.